تحليل الدكتور عدنان بكريه - كاتب ومحلل شؤون اسرائيلية من عرب 48
إثر اجتماع المجلس الامني الإسرائيلي المصغر أمس ألأربعاء واتخاذ قراره الكارثي بإعلان قطاع غزة (كيانا معاديا ) لم يتبق أمام حكومة إسرائيل إلا لحظات لاجتياح قطاع غزة .
لم يكن من قبيل الصدفة أن يتزامن هذا الإعلان مع وصول كوندوليزا رايس إلى المنطقة والتقائها برئيس الحكومة ايهود اولمرت ومحمود عباس لترتيب المهزلة الدولية المسماة – مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط والذي يهدف بالأساس إلى إلقاء الأدوار على بعض الأطراف العربية فيما يتعلق بترتيبات أمريكا الجديدة في المنطقة .
في الحقيقة أن هذا المؤتمر لن يكن له رسالة واضحة إلا تعزيز التحالف الاستراتيجي الأمريكي- الإسرائيلي
ومحاولة ضم بعض الأطراف العربية إليه وبالتحديد الطرف الفلسطيني ممثلا بالرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) لفرض ترتيبات أمنية !! تتماشى والمصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة وفي مقدمتها نسف حركة حماس ..وما إعلان قطاع غزة كيانا معاديا إلا مقدمة لهذه الترتيبات التي سارت بالخفاء حتى وصلت إلى نهايتها المريعة .
إن المدلول السياسي لإعلان قطاع غزة كيانا معاديا يثبت الرؤية القائلة على أن إسرائيل تسعى للوصول إلى المؤتمر الدولي المزعوم حاملة ساطور التجزئة للكيان الفلسطيني محاولة مناقشة مسألة الضفة الغربية بمعزل عن قطاع غزة ومحاولة فرض حل استسلامي على الضفة الغربية دون التطرق إلى القطاع !! معتبرة إياه ( أمارة ) فلسطينية يتوجب التعامل معها على إنها بؤرة من بؤر الإرهاب العالمي !!
لقد حذرنا قادة شعبنا من مغبة المخططات الأمريكية – الإسرائيلية على مجمل قضية شعبنا ومستقبلها ودعوناهم للعودة إلى طاولة الحوار لتفويت الفرص على النوايا الإسرائيلية الأمريكية التي تعززت بعد الاقتتال الأخوي الفلسطيني ، وما حذرنا منه بدأ يظهر للعيان وبشكل غير قابل للتأويل .. ونحن اليوم لسنا بصدد تحميل المسؤولية لأي طرف فلسطيني كان ، بل بصدد التحذير مرة أخرى من العواقب الوخيمة التي سيجنيها الشعب الفلسطيني لو استمرت حالة الفرقة المسيطرة على الأطراف الفلسطينية .
ندرك تماما بان المخطط الأمريكي يهدف إلى شطب القضية الفلسطينية عن الخارطة السياسية وقد عجز عن تنفيذ هذا المخطط عندما كان شعبنا موحدا بكل أطيافه السياسية والاجتماعية ، لكن وبعد ما آلت إليه الأوضاع الداخلية الفلسطينية أصبح سهلا على إسرائيل تحقيق مآربها وأهدافها المتمثلة بالتخلص من القضية الفلسطينية من خلال فرض حلول مؤلمة تتنافى والثوابت الوطنية الفلسطينية ولا تلبي الحد الأدنى من طموحات شعبنا .. من هنا فهناك حاجة ملحة لإعادة اللحمة للشارع الفلسطيني وإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني، لأن الوحدة هي الكفيلة بإفشال المخططات الإسرائيلية وهي الصخرة التي ستتحطم عليها كل المؤامرات الدولية.
وعودة إلى إعلان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر والذي يضم رئيس الوزراء وقادة الأركان والأجهزة المخابراتية أي بمعنى آخر – المطبخ الحربي لإسرائيل إعلانه عن قطاع غزة ' كيانا معاديا 'إضافة إلى ما يحمله من مدلولات سياسية تطرقت لها فانه يحمل مدلولات عسكرية تتلخص
بشرعنة أية خطوات انتقامية ضد قطاع غزة كقطع الماء والكهرباء والمحروقات والأهم شرعنه مختلف الإجراءات الإجرامية العسكرية التي قد تطول الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة من عمليات قتل واغتيال وارتكاب مجازر ضد المواطنين الأبرياء .
من هنا فإننا نطالب الرئيس الفلسطيني أبو مازن بعدم الانجرار وراء الوعودات الأمريكية وعدم الائتمان إلى هذا الطرف وحتى عدم حضور المؤتمر المزعوم كونه مؤتمرا تآمريا على قضية شعبنا ويهدف إلى ضرب آفاق الوحدة الفلسطينية وقوتها ... لسنا بصدد العتاب والعقاب.. ما هو مطلوب اليوم أن يضطلع الرئيس الفلسطيني بمسؤوليته التاريخية المتمثلة بالعمل على صيانة التوجه الوحدوي ولو كان على حساب سلطته وكرسيه ..وما هو مطلوب من أبي مازن مطلوب أيضا من حركة حماس بان تنحو نحو الحوار الذي إرادته هي..حوار الأشقاء ووحدة الأخوة القادرة على ردع كل المخططات السياسية والعسكرية للتحالف الإسرائيلي الأمريكي .
إن قرار المطبخ الحربي الإسرائيلي لن يرحم المواطن الفلسطيني لا في القطاع ولا في الضفة.فلو ضرب القطاع وهذا ما سيحصل لن تتورع إسرائيل عن ضرب الضفة وما عملية التجزئة التي تتبعها إلا عملية خداع متعمد يهدف إلى تعميق هذه التجزئة وشرعنه ممارساتها الإجرامية المقبلة ضد الشعب والوطن.
إن قضية شعبنا أعظم من كل المناصب واكبر من كل الكراسي ولا يمكن لكم إن تفرطوا بانجازات شعبنا لمجرد خلاف المناصب وصراع الكراسي .. المطلوب تكاتف كافة أطياف الشعب الفلسطيني لتفويت الفرصة على المخططات الأمريكية – الإسرائيلية وإلا فإننا سنندم حين لا ينفعنا الندم.
القرار الإسرائيلي يعتبر طلقة الرحمة في رأس القضية الفلسطينية ومن لا يقف متراسا أمام هذه الطلقة فان شعبنا لن يغفر له... نعم لن يغفر له .
الدكتور عدنان بكريه – كاتب فلسطيني أل 48 الخط الأخضر...............
السبت سبتمبر 22, 2007 4:43 pm
